التصاميم المسطحة أو الواقعية، الألوان الباردة، التصاميم الكلاسيكية وغيرها .. كل تلك المصطلحات التي تعكس توجهات المصممين في أعمالهم، من الذي يقودها، من يبدأ في استخدامها، من يقوم بصقلها ونشرها بين المصممين و الشركات الناشئة أو قواد المحتوى، من يعتبر القائد في كل تلك المجالات وفلسفات التصميم ؟

قبل ان نبدأ لنضع خطوط ونقط أساسية لحديثنا حتى يسهل التعامل مع الأفكار

تعريف بسيط للتوجهات الحديثة :

التوجهات الحديثة “في التصميم تحديداً”، هي الأساليب الجديدة التي تكون بمثابة قواعد أو خطوط يبتكر ويعمل وفقها المصممون، فمثلاً عندما ابتكرت أبل نظام الـ ios ونمط الأيقونات الخاصة به .. أصبح توجه صناعة الايقونات “الواقعية” المقتبسة من أيقونات ابل، توجهاً قائماً بحد ذاته، بل وأصبح مهنة قائمة بحد ذاتها لبعض المصممين، وتجاوز المرحلة الخاصة المحصورة بتطبيقات أبل، ليصبح أسلوب قائم بحد ذاته للعمل، وكذلك الأمر بالنسبة لواجهة الميترو Metro الخاصة بمايكروسوفت مثلاً “هذه الفكرة هي مانسميها بالتوجه”

و كي نكمل الحديث بشكل أبسط :

لنسمي الشركات الكبيرة “جوجل، مايكروسوفت، أبل، فيس بوك .. وغيرها” شركات الفئة A

ولنسمي الشركات الناشئة أو المواقع الشهيرة “envato, mailchimps, smashing” بالفئة B

ولنجعل المصممين  والمطورين أو قواد المحتوى الابداعي يندرجون تحت الفئة C

اذاً هل الفئة A هي من تقف وراء التوجهات الحديثة ؟

شركات الفئة A لا تقوم بشكل مباشر بقيادة التوجهات الحديثة

لكنها تلعب أحدى هذه الأدوار في كل اتجاه حديث من اتجاهات التصميم ..

bigcompany

هي من تبدأ الفكرة :

بعض الأفكار تبدء بها تلك الشركات الكبيرة A، لتنشئ بوابة صغيرة لتلك الخطوط ثم تقف عند نقطة ما، لتصبح تلك الفكرة توجهاً قائماً بحد ذاته للمصممين والشركات الناشئة، فتعمل الفئة B مثلاً على اكمال الفكرة والتوجة، ثم تعمل الفئة C على تطويرها وابتكار رموز وتفاصيل تتعلق بذاك التوجهه ثم تعود الشركات A الى اكمال ماوصلت له تلك الخطوط الجديدة.

هي التي تكمل الفكرة :

الدور المعاكس للدور السابق، بحيث تبدء شركة ناشئة صغيرة من الفئة B، أو مصمم ما من الفئة C بابتكار اسلوب جديد، لتأتي تلك الشركات الكبيرة أو المتوسطة، وتأخذ دور الحاضنة لتلك الفكرة، لتعمل على تطويرها وصقلها، لتكمل الشركات الأخرى الصغيرة أو المتوسطة العمل على هذا التوجه.

هل هي الشركات الناشئة – الفئة B ؟

فعلياً الشركات الناشئة، لاتلعب ذاك الدور الكبير، في التوجهات الحديثة، فهي دائماً تتموضع بشكل متوسط، بين الشركات الكبيرة التي تنشئ الفكرة أو التوجه، أو التي تعمل على تطويره أو أكماله – وبين المصممين والهواة الذين يكملون هذا التوجه ويطوروه، أو يعملو على انشاءه وابتكاره،

mailchimp

لذا فعلياً هي تعمل على تقوية التوجه، وتثبيته، أو انهائه، و باعتقادي يعود السبب وراء عدم ابتكار التوجهات الحديثة تحديداً بالشركات الناشئة، الى عدم وجود ذاك الوقت أو الجهد الاضافي المتوفر للعمل على ابتكار توجه جديد، أو وضع امكانيات معينة متخصصة بالعمل على تطوير احدى تلك التوجهات، كونها تعمل بمبدأ الأساسيات، فهناك أمور كثيرة أهم وذات أولوية أكبر بالنسبة لها.

اذاً هم المصممين والمطورين – الفئة C ؟

فعلياً نعم، المصممين والمطورين أو أصحاب الفئة C هم من يعمل على تقوية التوجهات الجديدة أو حتى أبتكار توجهات جديدة تماماً في التصميم،

Desginers

فمثلاً توجه التصاميم المسطحة Flat والذي انتشر الحديث عنه حالياً بشكل كبير بسبب أبل، “وبعيداً عن اعادة الأحاديث والمواضيع التي أصبحت مملة ومبتذلة عن أبل واخفاقها أو نجاحها فيه”، فهذا النمط من التصاميم بدايته الفعلية “الغير مباشرة” كانت عبر جوجل وأسلوبها البسيط في العرض، ثم سارع المبدعون والمصممون – أصحاب الفئة C بعمل نماذج وأفكار وتصاميم كلها مشتقة من هذا النمط، فخرجت أفكار رائعة، قادت جوجل بشكل مباشر أو غير مباشر الى اعادة صياغة الأسلوب أو اكماله وتنميته، بشبكتها الاجتماعية مثلاً، أو عبر تطبيقاتها الطرفية وتحديثاتها “كبريد جوجل مثلاً” – ثم جائت مايكروسوفت وواجهتها الرائعة Metro فقامت بصقل هذا التوجه بطريقة جديدة، ومختلفة .. ثم بدأت بعض الشركات الناشئة B بعمل أفكار مشابهه وتنفيذ ذاك التوجه وعكسه في أعمالها – لتأتي أبل حديثاً وتحاول أعادة صياغة هذا المفهوم.

مثال آخر على ذلك .. الزر المستخدم بانشاء رسالة جديدة في بريد جوجل Compose “اللون، الحجم، الشكل العام” بدأته جوجل “وبشكل أبسط من الشكل الحالي، سرعان ماقامت مجتمعات المصممين، الى تطويره ليصبح أسلوباً قائماً بحد ذاته ( مثالمثال ٢مثال٣ ) ثم قامت جوجل باعادته صياغته ليصل الى شكله الحالي، لتتجه شركات ناشئة اخرى باعتماد أسلوبه في تطبيقاتها كزر Sign Up Free في mailchimp مثلاً ورغم أن درجته اللونية أبعد ماتكون عما اعتدنا عليه في زر الارسال أو الموافقة، فهي اقرب الى الالغاء أو رز الـ Cancel ذو اللون الأحمر، ومع ذلك أصبح توجهاً فعلياً واسلوب خاص بالعمل.

قوة مجتمعات المصممين في قيادة التوجهات

موقع Dribbble مثلاً هو موقع للمصممين المحترفين، أسلوبه مختلف قليلاً عن مواقع التصميم أو معارض الأعمال الأخرى، يتسابق بعض المصممين الى عرض اعمالهم باسلوب ملفت،

dribble-pic

ويتجه آخرون الى قيادة التوجهات وتطويرها، وعمل أفكار وهمية، بعضها يكون استعراض للعضلات فقط، وبضعها يكون بغاية كـ تلك التي تحدثنا عنها، وهي لفت النظر للتوجهات الحديثة، أو تقوية تلك التوجهات، بعض المصممين فيه حصلوا على فرص وظيفية رائعة في شركات كبيرة أو ناشئة، لمجرد أن تلك الفكرة قد لفتت انتباه احدى الشركات،

جرب مثلاً البحث فيه عن IOS7 ستجد أفكار رائعة، بعضها تتمنى لو قامت أبل بتطبيقها، وبعضها قد يكون بطابع مختلف، وبعضها تشعر بغرابته، وقد يصبح لاحقاً توجهاً قائماً بحد ذاته،

وهذه هي القوة الحقيقية لمواقع مثل dribbble أو behance و غيرها فهي ليست مجتمعاً لنا نحن المصممين فقط، بل هي مصباح علاء الدين لبعض الشركات، و لانقول أن الغاية منها أخذ الأفكار، أو سرقتها وتطبيقها فقط، بل هي مجتمع يمثل شريحة من أهم الشرائح في التصميم، فهي بطريقة ما تمثل استطلاع للرأي “يقوم البعض فيها بانتقاد أعمال الشركة، “كما حصل بـ مؤتمر أبل الأخير – مثال ١مثال ٢ ” ويقوم البعض الآخر بتطويرها أو تقويتها،

والشركات التي تحترم نفسها، تأخذ تلك المجتمعات كوسيلة، سواء لتقوية أسلوبها في العمل  وتطوير جانب الابداع لديها والاستفادة من الاخطاء، أو للاستفادة “وبشكل مباشر” من التوجهات التي يطورها أو يبتكرها رواد مجتمعات الفئة C

وهذه هي نواة المجالات الحديثة في التصميم والقوة الحقيقية للفئة C ..

الفئة التي تقود حقاً التوجهات الحديثة

18 تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

  • استمتعت وانا أقرأ … اتمنى أن اقرأ كتاب عن التصميم من تأليفك 🙂 الله يوفقك يارب

  • شكرا جدا على هدا الموضوع المفيد جدا
    لطلما كنت اطرح هدا السؤال على نفسي
    كيف تضهر ومن يقودها لتصبح اسلوب جاري به العمل

  • توجهات المصممين سبب رئيسي في بناء هوية خاصة لكل شركة او لـرواد الآعمال. ايضا كـ مصممين ويب لديهم نفس التوجهات التي يتوجهها مصممين الجرافيك حاليا.

    على سبيل المثال التصميم في السابق كان عباره عن صفحات متنوعه في الموقع. ولكن في الوقت الحالي اصبح توجه المصممين الى تصميم صفحه واحده تنقسم الى اقسام عديده اشهرها https://vimeo.com

    ايضا توجه المصممين الى عدم وضع المحتوى على شكل صفحات بل عرض محتوى معين بعدد معين الا اذا المستخدم قام بالنزول الى اخر الصفحة فـ يتم عرض محتوى جديد للمستخدم بدون خروجه من نفس الصفحة .. وكانت البدايه الفعلية من فيسبوك واستخدمتها ياهو في تصميمها الآخير.

    ولكن حتى وقتنا الحالي يوجد عقم فكري لدى المصممين العرب .. ولا آعني الجميع. ولكن جميع المستخدمين عانو من بعض التصاميم التي يكون فيها تكدس غير طبيعي للتصميم يخفي هويه الموقع وهوية المحتوى بشكل عام.

    ماكتبته هنا مجرد رآي لا اكثر ،، وشكرا على المقاله الجميله اخوي محمد

    1. كلام رائع،
      شخصياً كمصمم، لست مقتنعاً بتوجه الصفحة الواحدة، للعديد من الأسباب

      أما من ناحية عقم الفكر فحدث ولاحرج، والمشكلة أن مشاهير مواقع الويب، يقعون دائماً بنفس الأخطاء، ويبنى توجههم بتطوير موقعهم أو اعادة تصميمه، على بعضهم البعض وبالتالي هم دائماً بدائرة مغلقة ان أردنا وصفها لطريقة لبقة في تتصف بسوء التصميم والتنفيذ

      وشكراً على رأيك الرائع مثلك
      وتحياتي لك

  • مقالة عالية الجودة جدا و وعلومات بغاية القوة و الاهمية….. انت مصمم عربي مميز وفقك الله….. انا حاليا اجد انتشار كبير لستايل مايكروسوفت المسطح و لكنه اسلوب صعب و سهل بنفس الوقت….. اسلوب سهل ممتنع، من ناحية تجده بسيط و جذاب جدا و من ناحية اخرى قد تجده فارغ …. الفارق ما بين النظرتين ضيق جدا و يتطلب حرفية عالية من المصمم حتى يحقق التوازن ما بينهما.

  • شعور رائع وأنا أقرأ مقالاتك الجميلة عن التصميم , 🙂 , لك طريقة جميلة جداً في الكتابة والتدوين والتحليل , المقال به معلومات كان يبحث عنها المصمم العربي , وأنت تضعها بين يديه , شكراً مرة أخري و جعله الله في ميزان حسناتك

  • مقال رائع وجاء في وقت مناسب جداً … دائماً أعجب بفكرك ومواضيعك الراقية

  • لا أعلم لماذا، لكن وانا أقرأ تدويناتك يمر الوقت بسرعة ;]

    إستمر أخي ولا تحرمنا من هذا التوجه الجديد في أسلوب التدوين الرائع .

    دمت بود

  • فكرة المقال جيدة
    ونحتاج إلى نقطة لا تزال غامضة لم يجب عنها المقال.
    هي باختصار: الفئة A من أين تنطلق وعلى ماذا تعتمد في طرحها للفكرة التصميمية؟ هل لانطلاقتها خلفية ما “ثقافية، فكرية، أسطورية، خرافية، دينية، سياسية…؟”

    1. طبعاً لايمكننا انكار استناد بعض الشركات على خلفيات ثقافية أو سياسية أو دينية، وبالوقت نفسه لايمكننا اسقاط هذا الأمر على جميع الشركات الغربية – لكن بعيداً عن هذا وذاك دائماً ماأفضل التركيز على نجاحها بالعمل وابداعها بما تقوم به أكثر من النظر على خلفياتها والدخول في متاهات أفكارها .. علني أحاول الخروج بنتيجة اجابية تساعدني على الابداع في عملي والتميز به، ألا تفقك معي ؟

  • مقال تحليلي رائع اخي اليوسفي
    احب ان اضيف
    هذه الشركات التي تقود التوجه – يرجع ذلك الى الاعلام – لان التوجه الاعلامي لهذه الشركات جعلها هي من تحرك التوجه العام – والدليل هناك شركات صغيرة تبتكر افكار راقية لايعرف لها صيت ولا ذائعة انما الصيت والشهرة لتلك الشركات التي لها ضخامة اعلامية .

  • أقولها بصوت عال فعلا من أجمل ما قرأت أنت لست مصمم فقط بل انت أديب و فنان كثيرا ما بادرني هذا الموضوع وتسائلت مرارا من يحرك هذه الميولات للألوان الباردة و التصاميم البسيطة المسطحة الذي طغى على الكثير من المواقع بل وحتى الأثاث و الديكور و أظن انني قد وجدت الإجابة عندك و اعتقد ان الامر أكبر مما ذكرت و أظنّ بأنها متعلة بطريقة ما